الصيف الأخير للسينما العربية
أسباب تحول الصيف إلي الموسم الرئيسي بدلاً من العيدين
لسنوات طويلة ظلت السينما العربية تعتمد اعتماداً أساسياً في طرح أفلامها الكبيرة علي موسمي عيد الفطر المبارك وعيد الأضحي علي أساس أنهما الموسمان الأساسيان للترفيه للطبقات الشعبية التي تمثل الشريحة الأساسية لجمهور الأفلام العربية في حين كانت الطبقة المتوسطة تفضل مشاهدة الأفلام الأجنبية والمشاهدة المنزلية.. لكن عدداً من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت في المجتمع المصري بشكل خاص والعربي بشكل عام غيرت من هذا الوضع.
فمن جانب زاد عدد دور العرض السينمائي الحديثة خصوصاً في المجمعات التجارية التي يرتادها أبناء الطبقات القادرة كما زاد عدد الأفلام العربية المنتجة سنوياً من أقل من 20 فيلماً في بداية التسعينيات الي قرابة الخمسين فيلماً في العام ومع وجود قانون لحماية صناعة السينما المصرية يحدد عدد نسخ الفيلم الأجنبي المسموح باستيرادها بخمس نسخ فقط قدمت الآلام العربية لتشمل أهم دور العرض فإذا ما اضيف لذلك دور الفضائيات في الترويج للأفلام العربية الحديثة أصبح من الممكن فهم هذا التغير في مزاج الطبقة المتوسطة واتجاهها لتصبح الجمهور الأساسي للسينما العربية.
وهذه الطبقة القادرة نسبياً تبحث عن وسائل الترفيه ليس في الأعياد فقط ولكن في عطلات الصيف وعطلات نهاية الأسبوع وبذلك تحولت السينما لتضع ثقلها كله في عطلة الصيف التي تمتد لثلاثة شهور بدلاً من العيدين اللذين لا تزيد أجازتهما علي عشرة أيام وأصبح هذا الموسم يشهد عرض ما يزيد علي ثلث انتاج هذه السينما ويتنافس علي كعكته كبار النجوم وأضخم الأفلام. وبسبب زحف شهر رمضان منذ هذا العام في الأعوام القادمة ليحتل مكان الصدارة في شهور الصيف فان اعتماد السينما العربية علي هذا الموسم سوف يهتز بالضرورة.. وفي هذا الموسم الصيفي الذي بدأ بالفعل منذ الخميس الماضي تبدو خريطة الروض محمومة ومشوشة بعد أن تقلصت مدة الموسم من 80 يوماً الي 65 يوماً فقط تتصارع عليها مجموعة من الأفلام قد تصل الي عشرين فيلماً! ومن بين هذه الأفلام فيلمان هما الأضخم تكلفة في تاريخ السينما العربية علي الإطلاق وهما فيلما (ليلة البيبي دول) الذي احتل ملصقه لأول مرة غلاف أهم المجلات السينمائية العالمية فرايتي VARIETY في اشارة واضحة لضخامة الحملة الإعلانية عن الفيلم والذي عرض في سوق الأفلام في مهرجان كان الأخير. ويجمع الفيلم عدداً كبيراً من نجوم الجيل الذي يوشك علي الأفول من أمثال محمود عبدالعزيز ونور الشريف ومحمود حميدة بجانب عدد من النجوم والنجمات الشابات وهو فيلم يتناول مجموعة من القضايا السياسية والقومية ومصير جيل الستينيات في ظل الهزائم العربية المستمرة، أما الفيلم الآخر فهو فيلم (حسن ومرقص) والذي يجمع هو أيضاً بين أشهر وأكبر نجمين عربيين من نفس الجيل.. عادل إمام وعمر الشريف وهذا أيضاً يتناول قصة جادة خطيرة وهي قضية الوحدة الوطنية والتطرف الديني وقد تكلف الفيلمان قرابة 70 مليون جنيه مصري أي ما يمثل ثلث تكلفة بقية أفلام الموسم العشرين والتي يقدر البعض تكلفتها بما يزيد علي 200 مليون جنيه تقريباً.. ويستمر هذا الموسم تراجع الكوميديا الشبابية الهزلية التي كانت تسيطر علي الساحة لسنوات ليقتصر علي ثلاثة أفلام فقط هي (بوشكاش) لمحمد سعد الذي لم ينته تصويره بعد بسبب المشاكل التي تعرض لها نتيجة لانسحاب مخرجه وعدد من أبطاله احتجاجاً علي تدخلات محمد سعد.. وفيلم (نمس بوند) لهاني رمزي والذي يقوم فيه بدور ضابط شرطة يقلد جيمس بوند، أما الفيلم الثالث فهو فيلم (فاصل شحن) بطولة أحمد حلمي ومنة شلبي ومحمود حميدة ولبلبة. وفي إطار استعانة النجوم الجدد بالنجوم الكبار يظهر الفنان نور الشريف أيضاً كضيف شرف في فيلم (سجون ترنزيت) الذي يلعب بطولته أحمد عز وهو فيلم حركة وتشويق وهي النوعية التي بدأت في السنوات الأخيرة تحتل مكاناً مهماً علي خريطة أكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات خصوصاً أفلام النجم أحمد السقا الذي نافست ايرادات فيلمه (الجزيرة) في الموسم الماضي علي قمة الأفلام الأكثر تحقيقاً للإيرادات مثل (مرجان أحمد مرجان) و(كدة رضا) ويقدم أحمد السقا هذا العام فيلم (الديلر) عن مافيا تجارة المخدرات في الدول الأوروبية والتي يسقط بعض الشباب العربي في براثنها نتيجة للظروف الاقتصادية المتردية في مجتمعاتهم واستمراراً أيضاً للأفلام التي تنافس القضايا الاجتماعية الشائكة، يعرض أيضاً في موسم الصيف فيلم (الغابة) الذي يطرح من جديد قضية أطفال الشوارع التي سبق أن طرحها فيلم (حين ميسرة).. أما أحدث نوعية الأفلام والتي سيشهدها هذا الموسم فهي أفلام الوعظ الأخلاقي والديني وذلك من خلال فيلم (كابتن هيما) للمطرب تامر حسني الذي يقدم هذا الفيلم ضمن حملة الداعية عمرو خالد التي تدعو للسلوك القويم!.